الموقف من المليشيات والجماعات الإرهابية وخصوصاً في الشرق الأوسط، من القضايا والملفات التي يختلف ويتعارض فيها الحزبان المتداولان للسلطة في أمريكا، وليس أدل على ذلك من ظهور موقف الرئيسين ترامب وبايدن من جماعة الحوثي الانقلابية، ففي حين يصدر ترامب في نهاية فترة رئاسته قراراً بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، يستهل بايدن فترته بإلغاء ذلك ضمن أولى قراراته في البيت الأبيض.. وحين يعود ترامب مؤخراً يكون إعادة إصدار القرار ضمن أول أعماله في البيت الأبيض..
وإذا تعاملنا مع الأمر من منطلق ماهو معروف من مصداقية ترامب وصراحة وجهورية مواقفه، سواء أكان في سياق سياسات حزبه أو بعيداً عن ذلك، وخصوصاً تجاه القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، والمصالح الأمريكية في هذه المنطقة الملعونة بثرواتها وموقعها الجغرافي، فعلينا أن نرى في هذه المواقف انفراجات مهمة لكثير من القضايا والمشكلات التي تعانيها المنطقة، أيا كان ثمنها المادي، إذا أخذنا بفكرة أن ترامب يعول أكثر ما يعول في المنطقة على الجانب الاقتصادي وتحسين وضع بلاده صراحة ودون اللجوء لإضرام حرائق الأزمات السياسية وتقويض الأنظمة، وبعيداً عن طريقة اللعب بالبيضة والحجر..!!
والملاحظ بقوة في موقف الرئيس ترامب مؤخراً خصوصاً تجاه جماعة الحوثيين في اليمن، يجد أن هناك صرامة في اللهجة تشي بجدية لا يمكن إخطاؤها أبداً، وهو ما أدركته جماعة الحوثي الانقلابية، وبدأت تشعر بخطورته، وبأنها لن تكون منذ الآن ذلك الخصم المدعى والمميز بالدلال والتغاضي بل وأحياناً بالدعم الخفي من قبل الإدارة الأمريكية، لتظهر في إعلامها وإبراز مواقفها مؤخراً، عالية الارتباك، خفيضة الصوت، متخلية عن الكثير من المواقف التي كانت حتى قبل أيام قليلة، كثيرة المزايدة بها والمراهنة عليها..!!
وفي التراجع عن المزايدة بالقضية الفلسطينية، وإطلاق عدد من المعتقلين في سجونها بمبادرة من طرف واحد، ثم إطلاق طاقم السفينة اليابانية جلاكسي دون اي ضغط أو حتى مناشدة، بالإضافة إلى إيقاف هجماتها وقرصنتها في خطوط الملاحة البحرية، وعدم الرد الرسمي المباشر على مقولة ترامب ((على الحوثيين أن يوقفوا هجماتهم على السفن وعدم استهدافها))، والتي أخذوا بها رغم تعاميهم عنها في موقفهم الرسمي، في كل ذلك وغيره، ما يثبت أن المرحلة غير المرحلة، وأن الحوثيين وغيرهم من المليشيات والجماعات الإرهابية مقبلون على مرحلة يتوقع أن تكون قادمة بنهايتهم بنسبة كبيرة..!!
عموماً نحن في اليمن وربما في الوطن العربي عموماً، كل ما نأمله ونراه كافياً هو أن تتزحزح أمريكا فقط من كونها سنداً خفياً لهذه الجماعات الإرهابية والمليشيات التخريبية، وأن تتوقف عن وضع المحاذير والتهديدات سواء المباشرة أو غير المباشرة، الظاهرة والخفية، التي تحول دون أنظمتنا وقوانا ودون هذه المليشيات، التي لولا استنادها لإدارة بايدن وحزبه، لظهرت حقيقة هشاشتها، ولما كانت ما هي عليه قبل اليوم من حضور في مقدمة المشهد السياسي والاستراتيجي في المنطقة.. ولنا عبرة ومثال حول ذلك في عودة استقواء جماعات كالقاعدة وطالبان والحشد وغيرها أثناء ولاية بايدن، وفي صمت وتوراي تلك الجماعات وحيادية موقفها حالياً ولو مؤقتاً بعد عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية..!!