غدا سيتم إعلان قيام الجمهورية اليمنية ورفع علم الدولة اليمنية في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا عبارة أطلقها الرئيس علي عبدالله صالح في مجلس الشورى بصنعاء يوم الـ21 من مايو عام 1990م، فاهتز المجلس وتجاوزته لتهز مشاعر ووجدان كل أبناء الشعب اليمني الذين طالما انتظروا سماع هذه الكلمات عقودا طويلة وتوارثوا حلم الوحدة جيلا بعد جيل.
ولأن الغد الوحدوي كان حلماَ وتطلعاً يسكن قلوب وضمائر أبناء الشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه لم تكن عدن بعيدة عن صنعاء وتأكيدا لميلاد اليقين الوحدوي أعلن الرئيس علي سالم، في ذات اليوم أمام مجلس الشعب الأعلى في عدن، انتهاء عصر التمزق والتشتت والانفصال وأن الغد سيشهد تدشين عصرٍ جديدٍ في تاريخ الشعب اليمني.
كلمات لم يسبق لليمنيين سماعها حملت من صدق النوايا ما يكفي لبناء عصر اليمن الجديد واختصرت المسافات وأغلقت كل الملفات وأنهت أزمنة الانتظار وأزالت الشكوك وأصبحت الوحدة اليمنية حقيقةَ ويقيناَ يملأ الجغرافيا ويسكن القلوب والضمائر وتتردد أصداءه في السهول والجبال والوديان.
وفيما كانت التوقعات تتجه نحو التشكيك بجدية الطرفين في السير نحو الوحدة، وينظر صانعوا العراقيل والعثرات التي تحول دون تحقيق الوحدة، إلى خطاب علي عبدالله صالح أمام مجلس الشورى وخطاب علي سالم البيض أمام مجلس الشعب الأعلى، على أنهما سينتهيان إلى ما انتهت إليه خطابات سابقيهما، شهدت مدينتا صنعاء وعدن في ذلك اليوم حراكا واستعدادات غير مسبوقة وتحولت اليمن إلى خلية نحل لا تهدأ.
وفي الوقت الذي كانت العاصمة صنعاء تشهد استنفارا على أعلى المستويات لتنفيذ توجيهات الرئيس صالح بالسفر إلى عدن لتدشين قيام الجمهورية اليمنية ورفع علم دولة الوحدة، كانت عدن تشهد من الاستعدادات والتحضيرات ما يليق بأكبر إنجازٍ في تاريخ اليمن الحديث وتستعد لإنجاح أروع حدثٍ سيشهده اليمنيون والعالم في ظهيرة يوم مايو العظيم.
وارتفع علم دولة الوحدة وأسقط الرئيس علي عبدالله صالح وأخيه على سالم البيض كل الرهانات وأثبتوا للعالم أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية لم يكن في حاجة لوسيط ليتحقق، بقدر ما احتاج لقرارٍ شجاع وفعل سياسي تجاوز كل البروتكولات والأجندات والسيناريوهات السياسية، وحوٌل إعادة تحقيق الوحدة من حلم وقضية مؤجلة إلى حقيقةٍ وواقعٍ يعيشه اليمنيون حاضرا ومستقبلاَ