محلي

حصان طروادة في صنعاء..!!

وسام عبدالقوي

|
قبل 6 ساعة و 48 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

عندما نفذت مليشيا الحوثي انقلابها على الدولة والشعب، واستولت بقوة السلاح على السلطة في المناطق الشمالية والغربية من اليمن، بثت طمأنتها للمواطنين في مناطق نفوذها، وقطعت وعودها في بداية الأمر، بأن الدولة ستظل دولة كما هي ملتزمة بالنظام، وأن عمل مؤسساتها سيستمر طبقا لدستور وقوانين الجمهورية اليمنية.. وكان ذلك ربما تصرفا ذكياً منها، لأمرين: الأول تهدئة أبناء الشعب من أي احتقان أو رد فعل تجاه انقلابها.. والثاني محاولة محو الفكرة الدائرة حولها بكونها مجرد مليشيا أو عصابة متمردة خارجة عن النظام والقانون..

بعد مضي أكثر من عشر سنوات من التجربة والمعايشة، والمراوحة بين محاولة المليشيا الإرهابية الإيفاء بوعدها مرة، والحنث بذلك مرات، يتأكد بين لحظة وأخرى أن العصابة المنقلبة، لم تحقق من تلبس إزار الدولة والتمظهر بأردية القانون، شيئا يكاد يذكر بالنسبة لفئة الشعب التي قطعت لها وعدها، بقدر ما ألحقت بالمواطنين الأضرار تلو الأضرار، وكأنما تنتقم منهم، لأنهم تساهلوا في إتاحة الفرصة لها، ورضوا (وإن قسراً) بخوض تجربة الحاكمية المتبادلة بينهم وبين هذه الجماعة، التي تعهدت سابقاً بالالتزام بشكل الدولة وعدم الخروج عن أطرها المعتادة والمتعارف عليها..!!

وكما أشرنا أعلاه فإن الجماعة الحوثية كلما حاولت أن تتمظهر بمظهر الدولة، غلب طبعها على تطبعها، وظهرت قرونها وحراشفها الحجرية، لتمزق رداء الدولة الذي ترتديه، وبدت في أعرى وأبلج حقيقة لها، وهي أنها تظل مليشيا إرهابية وجماعة عنصرية مستغلة، تحاول عبر تلبسها شكل الدولة، تمرير وفرض مشروعها العنصري الإقصائي، على شعب كبير أبعد ما يكون عن التسليم بما تمليه هذه الجماعة حينا وتفرضه أحياناً من قوانين عرفية ووضعية، بعيداً جداً عن سقف وحدود نظام وقوانين الدولة، التي تدعي تمثيلها وقيادة مؤسساتها، وأكثر بعدا عن متطلبات وحاجات الشعب الذي يرزح تحت جورها وبطشها..!!

عشر سنوات مضت ولم تستطع الجماعة الانقلابية التخلص من طبيعة كونها مليشيا إرهابية، ولا الفرار من حقيقة عدم استطاعتها أن تكون دولة، لأنها بطبيعة الحال لم تستطع التخلي عن السلوك الاستئثاري والأناني للمليشيات والعصابات، والطبع العدواني تجاه الآخرين ما لم يؤمنوا بها ويخضعوا لها، ويسلموا بكل إملاءاتها وما تضعه من نهج وقوانين عرفية، حتى وإن تعارضت مع قوانين الدولة أو حتى مع قوانين الطبيعة.. وستمر عشر أخرى وعشر ثالثة ورابعة، إن سمحت (الظروف) (أيا كانت تلك الظروف)، وساعدتها على الاستمرار في الإمساك بخناق الشعب بذات الطريقة وذات القوة..!!

ومن هنا يظهر بوضوح التضارب الطبيعي بين نهج وسلوك الدولة من جهة، وبين نهج وسلوك المليشيات والعصابات من جهة أخرى.. وتتأكد استحالة الجمع بين هذين النهجين في نظام واحد يمكنه الاستقرار والاستمرار.. ومثلما هو واضح وبين لنا، هو كذلك بالنسبة للمليشيا الانقلابية.. بل قد تكون هي أكثر إدراكا لتلك الحقيقة.. ولكنها تؤمن بفكرة وضرورة استغلال الفرصة، التي هيأتها لها (الظروف)، بفعل فاعلين حقيقيين في إدارة الأزمة.. فاعلين متحكمين اختاروها لتكون حصان طروادة، ولينتجوا عبرها هذا الواقع البائس الذي يعيشه اليمن ويكابده اليمنيون، غير متناسية إطلاقاً أن ذلك الحصان سيغدو في النهاية ركاما وربما رماداً تذروه الرياح..!!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية