منذ نشأتها وبداية تحركاتها الخارجة عن القوانين والأعراف والأنظمة، وحتى تحقق انقلابهاا على الدولة والمجتمع، اعتمدت مليشيا الحوثي الإرهابية على سياسة إضعاف المجتمع، واقتحام مكوناته، والتحكم في علاقاته المختلفة، من خلال تجزئته واستعداء بعضه لبعضه، تحت مبررات وعناوين مختلفة، قائمة في معظمها على دعاوى وطنية ودينية وقيمية وأخلاقية، ونظراً للإتاحة الزمانية والمكانية التي سُخرت لها، نظراً للتهاون الكبير من قبل الشرعية وتحالفاتها، استطاعت المليشيا خلخلة النظام الاجتماعي واختراقه، وصولاً إلى إيجاد ثغرات في نظام الأسرة الواحدة لاقتحامها وزرع ألغام الكراهية والعداء بين أفرادها بغاية تفتيت ترابطها وإضعافها واستغلال أفرادها كباراً وصغاراً، ذكوراً وإناثاً..
وبما أن المرأة توصف بأنها نصف المجتمع، ولها أثرها الكبير في توجيه الأسرة وبالتالي توجيه المجتمع، فقد كانت ولا تزال ضمن أهم أهداف هذه المليشيا الإرهابية، وقد أولت الجماعة الانقلابية هذا الجانب اهتماما كبيرا، عن طريق تجييش قطاع كبير من النساء المنتميات إليها في تنظيم الدورات والفعاليات المختلفة، التي تستميل وتستقطب عبرها النساء، بغرض تحريف أفكارهن حتى الأزلي منها في العقيدة والفكر وتنظيم الأسرة، والأدوار الأساسية المناطة بهن، في بناء وتنشئة الأسرة.. واستغلال أدوات ومغريات السلطة المنهوبة، لتوجيه اهتمامات هذا القطاع في الغالب باتجاه ما يخدم المليشيا وتوغلها في المجتمع، وتعزيز انقلابها السياسي بانقلاب اجتماعي شرس وخبيث، يفت في عظم المجتمع اليمني، ويحوله من مجتمع عام وحر ومتطلع، إلى مجتمع منغلق ومأسور داخل فكرة الولاء المطلق للمليشيا الإرهابية..
ولم تكتف الجماعة الإرهابية بالوصول إلى هذا العمق الخطير في قلب المجتمع اليمني، واستغلال نصفه الآخر بعد استغلالها نصفه الأول، بل وصل بها الأمر إلى التفريق بين الأزواج وزرع فتن خطيرة داخل مكون الأسرة الواحدة الأقل اتساعاً، وليس داخل إطار المجتمع الكلي الأكثر اتساعا وحسب.. ثم جعلت المرأة هدفاً للاستغلال في رؤاها العقدية والأخلاقية، وكما بعثت الرهبة داخلها تجاه المجتمع، بثت في ثنايا المجتمع تخوفا كبيرا تجاهها، باعتبارها منفذاً للفساد وطريقا للتفسخ الأخلاقي، ضرورة حمايتها وحماية المجتمع منها..!! وبالتالي تنظم المليشيا حملات تصفها ب(التوعوية) التي تقمع المرأة وتحاصرها في الحياة والحرية والعمل.. بل وتصل إلى استخدام العنف والأسر والتعذيب..!!
ولأن أية جماعة أو حتى نظام لا يمكنه أن يوجه أي مجتمع بشكل كلي وبنسبة مكتملة ١٠٠%، فقد لجأت الجماعة المتمردة إلى تشويه سمعة النساء اللاتي لا يتقبلن أفكارها ويتعارضن مع توجهاتها، وأنشأت سجونا ومعتقلات خاصة بالنساء، واعتقلت المئات من النساء، وبالذات منهن الناشطات والمؤثرات مجتمعياً، بعد تشويه سمعتهن وتلفيق التهم الأخلاقية والسياسية بهن، ولا تزال تلك السجون مكتظة بالمئات وربما الآلاف من النساء، ليس خشية من تأثيرهن وحسب، وإنما أيضا من أجل توجيه رسالة قمعية وتهديدية للمجتمع بجنسيه.. وعززت بالاستمرارية حملاتها المستهدفة على جانبي الاستقطاب والتوعية من جهة والقمع والاعتقال من جهة أخرى..
ومن هنا تنكشف وتنفضح بشكل كبير أمام اليمنيين والعالم أجمع، سياسة هذه العصابة الإرهابية حول المرأة وموقعها في المجتمع.. وذلك من خلال ما تقع فيه من تناقضات كبيرة، ليس مع الرؤى الدينية والإسلامية فحسب، وإنما حتى مع الرؤية الشعبية والمجتمعية تجاه المرأة ومكانتها، وكثيراً ماتجسد ذلك التناقض في امتهان المرأة وحصر توظيفها في خدمة الجماعة، ثم في اقتحام المنازل واختطاف النساء الآمنات وحرمان أسرهن وأطفالهن منهن، في سلوك يتنافى تماما مع القيم المجتمعية والأخلاقية والدينية والحقوقية أيضاً..!!