عربي ودولي

عصابة الحوثي وأحداث سوريا

وسام عبدالقوي

|
11:49 2024/12/11
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

وكأن علينا حقاً أن نصدِّق اليوم أن جماعة الحوثي الإرهابية غيرت موقفها تجاه نظام بشار الأسد بعد سقوطه، وبعد انتشار مشاهد التعذيب في سجون النظام المنهار، وأن إنسانية وعدالة هذه الجماعة هي من قادتها وتقودها إلى إبداء موقفها السلبي من الأسد ونظامه..!!.

إنه أمر مثير للضحك والسخرية فعلاً، أن نصدق أن جماعة إرهابية كجماعة الحوثي غيرت موقفها وتوجهها في لحظات لدواع إنسانية أو عاطفية بحتة، دون أن يكون وراء ذلك ما وراءه من أسباب حقيقية قاهرة، دفعت العصابة الانقلابية إلى اللجوء إلى التقية والاحتراس من دلالة هذا السقوط، ومما قد ينالها إثر هذا المتغير السياسي والاستراتيجي الهام، الذي يشغل اللحظة والاهتمام على المستوى العالمي..!!

لا يغيب عن البال أبداً الموقف الذي تبديه العصابة المنقلبة اليوم، ولا يمكن أن تخفي أسبابه، خصوصاً وأنه لا يحدث متجرداً بذاته ولا يأتي منعزلاً بانفراده، وإنما ضمن متغير أكبر وأوسع يتمثل في تهاوي ما يسمى بمحور المقاومة، الذي ترعاه إيران الطامعة والمخربة، وهو السند الذي كانت العصابة تراهن عليه، وقد بدأ في التهاوي والتلاشي باجتثاث أو بالأصح بإسقاط حزب الله في لبنان، ومقتل زعيمه حسن نصر الله، وتصفية قادته وعناصره، في لعبة استخباراتية بدأت فصولها بأحداث السابع من أكتوبر 2023م، فتدمير غزة وقتل وتشريد أهلها، ثم باستهداف حزب الله وأمينه العام في لبنان.. وكأننا إزاء تفتيت واضح لمحور المقاومة، على الرغم من أنه ليس من هذا المحور شيء أكثر من مسماه، ومزايداته الكلامية التي لا تغني ولا تسمن من جوع..!!

نعلم جيداً أن جماعة الحوثي الإرهابية، لم يكن لها أن تبدل موقفها تجاه النظام السوري، الذي كان يعتبر جزءاً من فزاعة محور المقاومة، إلا لسببين جوهريين، الأول تمثل في نزع إيران، التي تتبعها العصابة بشكل مطلق، يدها القذرة وسحب قواتها من سوريا وتنصلها من النظام السوري، وتركه يواجه مصيره منفرداً.. والسبب الثاني أن الجماعة الإرهابية الحوثية أيقنت، جراء تراتب الأحدث وسقوط عنصرين رئيسيين من المحور الفزاعة، أنها مدرجة لا بد في قائمة الاستهداف، وأن عليها انتظار دورها في هذا المحور الذي سرعان ما اتضحت أكذوبته وأصبح يواجه مصيره المحتوم..!!

ثم إنه لمن المضحك والباعث على السخرية اليوم أن نجد هذه العصابة تبرر تغيير موقفها تجاه نظام الأسد، بما كشفته السجون والمعتقلات من فضائع يندى لها جبين الإنسانية، بينما لم يعد خافياً أن الجماعة نفسها لديها من المعتقلات السياسية ما يفوق ما تم كشفه في سوريا.. ففي حين تكشف التقديرات أن عدد المعتقلين في سجون النظام السوري يقارب المائة ألف معتقل ومعتقلة، تؤكد كثير من التوقعات أن يتجاوز عدد المعتقلين والمعتقلات في سجون العصابة الانقلابية الـ300 ألف، كما كشف بعض الناجين من تلك المعتقلات أن العصابة تمارس في حق معتقليها صنوفاً لا تقل بشاعة عما وجد في المعتقلات السورية، بل وتتجاوز ذلك بكثير..

وبالتالي فإنه ليس أمام العصابة الانقلابية الآن إلا أن تحسن على الأقل صورتها وموقفها  بمحاولة التجرد والتنصل من نظام الأسد.. أي أن موقفها موقف الخائف من مماثلة المصير الذي واجهه الأسد ونظامه فقط.. بعيداً وبعيداً جداً عما تدعيه من دواعٍ إنسانية ومثالية، وإذا لم تجد نفسها قادرة على مجابهة المد الجارف من كشف لحقائق النظام السوري، فلا بد لها أن تنحني لذلك المد، وأن تسير بموازاته، في محاولة للمحافظة على نفسها من أن يدركها ما أدرك الأسد ونظامه، وهي محاولة بائسة، وفي اعتقادي أن ما سينال هذه العصابة الإرهابية قد يتجاوز ما نال الأسد ونظامه، وذلك بالنظر إلى ما تركته هذه العصابة من أثر سيء خصوصاً في انطباع وموقف الشعب اليمني، الذي عانى منها ما لم يعانيه السوريون من الأسد ونظامه.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية