على الرغم من كثرة المرات التي خلفت فيها الشرعية، خيبات الأمل، وراء كل تصرف لها وبعد كل تحرك في ملف الأزمة اليمنية، وخصوصاً في أذهان وأرواح أكثر الناس إيماناً بها وركوناً عليها، إلا أنه يظل هناك وفي كل مرة ما يشبه الشعرة الفاصلة، بين التعارض القطعي معها وإنهاء الصلة القائمة بينها وبين الجماهير اليمنية، وإن لم يكن إلا على مستوى التسمية، وبسبب الموقع والصفة التي تحظى بهما كشرعية، سقفها أعلى من كل الخيارات المتوفرة على الساحة اليمنية..
وفي كل مرة تصيب الشرعية المعترف بها اليوم أعوانها والمؤمنين بها بخيبة أمل أو تجشمهم حسرات الخذلان، بقدر ما يواجه ذلك بعدم الرضا وبالغضب ووصولاً إلى إمكانية التخلي وعدم الإيمان بها، يظل هناك رابط خفي، بإمكانه إن ينسج أو ينبت مجدداً تلك الشعرة الخفية التي تربط وجودها باليمنيين، وفي البقايا المتبقية من كل ذلك يظل ثمة أمل لا يزال في الإمكان التشبث به.. إنه ذلك الشيء الذي يمكن وصفه بقشة الغريق..
وبرأيي هذه العلاقة في حد ذاتها تكفي لأن تُحمِّل الشرعية وكل من يقف تحت سقفها ويعمل تحت لوائها، مسئولية بل إن شئنا الدقة والمحاسبة مسئوليات لا حصر لها، من جهة تجاه الشعب كل الشعب وليس أتباعها والمؤمنين بها وحسب، ومن جهة أخرى تجاه الوطن الذي يتحدد مصيره بمدى قوتها وفاعلية مواقفها، ثم تجاه التاريخ الذي لن يكون رحيماً ولا رؤوفاً بأحد ممن تحملوا مسئولية الدفاع عن الوطن وشرعيته وشعبه..
وتأسيساً على ذلك وبخصوصه إزاء التطورات الأخيرة، نشهد ونطالع في الأيام الأخيرة، تحركات وأنشطة عسكرية ميدانية وتسريبات أنباء، وإن لم تكن من مصادر رسمية أو مسئولة داخل الشرعية، وإنما عبر ناشطون وإعلاميون أقرب ما يكونوا من مراكز القرار، تعيد قليلاً مما يمكن أن نسميه أملاً في إنجاز فعلي باتجاه تحقيق أمل اليمنيين، المتمثل في التخلص من الانقلاب واستعادة الحياة الطبيعية، بعد كل هذه الخسائر التي كان من الممكن تفاديها والنجاة من عواقبها وآثارها، لو أن الشرعية سارت في مسارها الصحيح..
وفي الأخير هذا الأمل لا يزال في طور التكون وفي مرحلة الارتقاء، ولا يفوتنا أن احتمالية تحطيمه أو انحداره مجدداً من قبل الشرعية، وللمرة التي لم نعد لكثرتها نذكر رتبتها وعدد سوابقها، ربما قد وصلت حداً لا طاقة للناس من بعده، فما لاقاه اليمنيون وعاشوه وتكبدوه في هذه الأزمة، قد شغل كل مساحات الاحتمال وفاض عنها، ولم يعد له من مكان أو سعة ممكنة لدى الشعب.. وبالتالي فإن على الشرعية بكل مكوناتها ورجالها أن تضع هذا في الحسبان، أو فلن يكون لها من جهتها متسع لقبول أو رفض ما سيحل بها، إن لم تضطلع بواجبها ومهمتها التي وجدت من أجلها.