مثلما يتوق ويتلهف معظم أبناء اليمن لساعة الخلاص من المأزق الذي وقعوا فيه، ويشتاقون للنجاة من سطوة عصابة الحوثي الجاثمة، التي مُكنت في ظروف غامضة من اختطاف السلطة ومؤسسات الدولة، في المناطق الشمالية، يجثم بهم وبطموحاتهم التساؤل حول ماذا بعد... لو افترضنا وانزاح هم الرضوخ الإجباري لهذه العصابة.. خصوصاً مع استمرار الحال الذي هو عليه طرف الشرعية، والذي يعول عليه الكثيرون كطرف آخر وحيد..؟! وكيف ستكون الأحوال بعد التخلص من هذا الوضع المؤذي..!!
إن الحال الذي تعيشه الشرعية، ليس اليوم فحسب، وإنما منذ بداية الأزمة وإعلان الانقلاب الحوثي، إذا ما وضعنا كل احتمالاتنا على طاولة التأمل الجدي، حال بائس ومؤسف، ولا يشجع بأي حال، على الركون إلى الشرعية كخيار آخر، بالرغم من كل مساوئ المنقلبين، والرغبة العارمة في اجتثاثهم، والتخلص من سلطتهم غير الشرعية والجائرة.. وأكثر ما يتوقعه اليمنيون اليوم، أن النجاة من الحوثي لا بد أن تقود لوضع لا يقل سوءاً، في حال استمرت الشرعية على حالها المعهود..
فبالنظر إلى حال ما يفترض أنها مكونات الشرعية، والتي يجب أن يكون مشروعها واحداً ومجمعاً عليه، متمثلاً في التخلص من الانقلاب ومن جماعة الحوثي الإرهابية، تبرز الكثير من المخاوف والاحتمالات السيئة، والتي لا يتردد البعض في وصفها بأنها احتمالات قد تجعل الوضع أسوأ مما هو عليه الآن..!! وعلى الرغم من أن الانقلاب الحوثي قد أضر بالجميع دون استثناء طوال ما يقرب من عشر سنوات، إلا أن هناك من يجعل من التباينات السياسية السابقة للانقلاب، سبباً في التشظي والتخاذل وشق الصف في مواجهته..!!
للأسف الشديد لم يستطع البعض في مكونات الشرعية أن يتجاوز تلك التباينات، على الرغم من سذاجتها مقارنة بما يواجهه اليمن واليمنيون اليوم في وجه هذا الانقلاب..!! ولا يستطيعون أن يتفهموا كون تلك التباينات والخلافات السياسية قد بليت وأصبحت في حكم العدم، ولم يعد لها من حساب أو أثر على معادلة الوضع المصيري القائم.. وبالتالي يجب أن يتفهم أولئك أن ما نعيشه الآن ليس وضعاً سياسياً قابلاً للتباين والاختلاف، وأن تلك التباينات والخلافات العدمية، لا تخدم ولن تخدم أحداً بقدر ما خدمت وتخدم المليشيا المنقلبة، التي تضع كل اعتمادها وثقتها في الأساس، بناء على اختلاف مكونات الشرعية وتشظيها.