ليلة مبكية شهدها ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة بعد تدميره كليا جراء غارات أمريكية ضارية، تسببت في خسارة الشعب اليمني لأحد أهم موانئه النفطية ومنجزات الدولة التي خدمته لعقود طويلة منذ ولادة النفط اليمني في منتصف الثمانينيات، لتخسر العصابة الحوثية اليوم أحد أهم مواردها ومتنفساتها البحرية، وثاني ميناء يتعرض للتدمير بعد ميناء الحديدة،
ماذا بعد نسف ميناء رأس عيسى النفطي كلياً بغارات أمريكية مدمرة؟
سؤال كبير تردد على ألسنة اليمنيين ليلة البارحة وهم يتابعون نتائج المغامرات الحوثية الهوجاء، ويرقبون بعيون دامعة مشهد الحرائق الضخمة وهي تلتهم أحد أهم منجزات الشعب اليمني وموانئه الاستراتيجية التي شيدتها الدولة اليمنية عام 85 ورفدته بناقلة نفط ضخمة تحولت إلى ميناء عائم لتخزين شحنات النفط اليمني الناشئ وتصديره للعالم، وأنفقت على إنشائه وتطويره مليارات الدولارات من عرق الشعب اليمني وثرواته المتواضعة، قبل أن تنقلب العصابة الحوثية على الدولة وتتسبب في تمزيق البلد بين سلطتين متنازعتين، وتفسد فرحة اليمنيين بثروتهم النفطية الناشئة، وتحول الميناء إلى مصدر رئيسي لإيراداتها وتهريب النفط الإيراني الى مناطق سطوتها طيلة سنوات حربها مع الحكومة المعترف بها دوليا..
وقبل ذلك حولت الميناء وسفينته العائمة الى أزمة عالمية وكارثة بحرية هددت مياه البحر الأحمر والملاحة الدولية بأكبر تلوث بيئي في العالم، بسبب تسرب النفط من خزاناتها وإهمال صيانتها لسنوات منذ انقلاب العصابة الحوثية، ومنعها لفرق الصيانة من إنقاذ الناقلة وتفريغ حمولتها النفطية كاملة، رغم المناشدات الأممية والإقليمية، وكلما طال تعنتها وابتزازها كانت بقعة التسربات تتوسع أكثر، مهددة بنسف الناقلة إذا تم انتزاع الميناء بالقوة، بحجة ان موقعه يدخل ضمن مناطق سلطتها، مشترطة امتلاك الشحنات المخزونة في الناقلة بأكملها وعدم الاعتراف بسلطة الحكومة الشرعية عليها، لولا وساطات وجهود أممية ودولية مضنية أنقذت الموقف وتوصلت إلى تقاسم المخزون بينها وبين الحكومة المعترف بها دوليا وشراء ناقلة جديدة لتفريغه إليها بتمويلات خليجية ومحلية، في أكبر عملية ابتزاز مارستها العصابة الحوثية على مرأى ومسمع العالم!
وها هي اليوم تقف على أطلال ميناء مغري لطالما حلمت بامتلاكه وحدها للإثراء من موارده، والاستحواذ على ناقلته التي سال لعابها عليها، وبحسرة كبيرة تتأمل مآلات جشعها وابتزازها وغطرستها وتعنتها بعد حرمانها من ميناء رأس عيسى، وقبله ميناء الحديدة، وربما ستظل تتفرج وتتعنت إلى أن تدمر الغارات ما تبقى من موانئ صغيرة لحرمان اليمنيين في مناطق سطوتها مما تبقى لهم من منافذ بحرية يتنفسون منها ليكتمل خنقهم وتجويعهم.. فيما يرى مراقبون أن كل ذلك لم يكن ليحدث لولا إصرار العصابة الإرهابية على التشبث بالسلطة وحرمان اليمنيين من موارد دولتهم وحقهم في الاستقرار والسلام والتعايش، والحياة الكريمة..