منذ انطلاق شرارة ثورة 14 أكتوبر المجيدة، كانت نساء عدن في مقدمة الصفوف، يحملن راية التحرير ويهتفن للوطن بحرارة لا تقل عن حراب المقاتلين في الجبهات. لم يكن دورهن هامشيًا أو رمزيًا، بل كان دورًا محوريًا في مسار النضال الوطني والاجتماعي والتعليمي.
في كل المراحل، أثبتت المرأة العدنية أنها طاقة لا تُحد، وعقل منفتح، وروح مفعمة بالمسؤولية. فهي لم تكتفِ بالدور التربوي والتعليمي فحسب، بل اقتحمت ميادين العمل السياسي والوطني، وأسهمت في نهضة الريف والمدينة معًا.
ففي وقتٍ كانت فيه نساء كثيرات يعانين التهميش، حملت نساء عدن على عاتقهن مهمة التنوير، وانطلقن إلى الأرياف لنقل مشاعل التعليم والصحة والوعي، في مواجهة ثلاثية قاتلة: الجهل، الخرافة، والمرض. وكان لهن دور بارز في إدارة التربية والتعليم، حيث سُجلت أسماء عدنيات كثر في قوائم المتطوعات، ممّن خلدن بصماتهن في الذاكرة الوطنية.
ولم يقتصر هذا الحضور النسوي على التعليم والعمل الميداني، بل برزت وجوه عدنية في العمل السياسي والنضالي، مثل: نجوى مكاوي، عيشة محسن، عايدة علي سعيد، وسعاد يافعي، وغيرهن العشرات من المناضلات اللاتي لا تُحصى أسماؤهن ولا تُعد، ممن ساهمن في صناعة الوعي ومواجهة الاستعمار والأنظمة الظالمة.
اليوم، وبعد كل ما مرت به عدن من تحديات وحروب وتهميش، لا تزال المرأة العدنية تقف شامخة، تعيد البسمة لوجه المدينة المخدوش، وتحمل رسائل أمل للمستقبل. ولأن نهضة الوطن لا تكتمل من دون شراكة شاملة، فإننا لا ننسى أخواتنا في كل بقعة من هذا الوطن، من الريف إلى المدينة، ممن يساهمن بصمتٍ أو بصوتٍ عالٍ في معركة البناء.
إن الحديث عن نساء عدن هو استدعاء لذاكرة النضال، واستنهاضٌ لحاضرٍ يستحق الأفضل، ودعوة صادقة للمضي قُدمًا نحو مستقبل يليق بتضحيات الأمهات والمناضلات.