كشفت دراسة حديثة أصدرها "الإتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر" أن إنتاج العسل في اليمن انخفض بنسبة 20-25% في المناطق الأكثر حرارة وأكثر من 50% على المستوى الوطني بسبب الصراع، مع انخفاض أعداد مستعمرات النحل بنسبة 10- 15%.
وتواجه صناعة تربية النحل التاريخية في اليمن، والتي تعد مصدر رزق حيوي لنحو 100 ألف أسرة، تهديدات خطيرة بسبب الصراع وتغيّر المناخ.
وتلخّص دراسة الحالة هذه الجهود المبذولة لدعم مربّي النحل اليمنيين من خلال مشروع تربية النحل المتكامل التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، والذي يهدف إلى تعزيز القدرة على التكيّف مع المناخ وتنويع الدخل واستدامة سبل العيش.
وقدّر إنتاج العسل في اليمن عام 2021 بـ 2.9 مليون كيلو جرام، فيما بلغ عدد الخلايا 1317755 خلية.
ويواجه إنتاج العسل اليمني تحديات جسيمة. فبالإضافة إلى الأضرار التي أحدثها الصراع المسلّح الدائر في البلاد منذ أمد طويل، ينبغي لمنتجي العسل، أن يتعاملوا مع الظروف المناخية التي يتعذّر التنبّؤ بها.
فخلال موسم الجفاف، تتعرّض المراعي للاستنزاف. ولذلك، يجب على مربّي النحل أن يشتروا حبوب اللقاح التي تعدّ المصدر الرئيسي لتغذية النحل. وعندما يتعذّر على مربّي النحل تحمّل التكاليف الباهظة لنقل هذه الحبوب، يتم في بعض الأحيان التخلّي عن خلايا النحل.
وتؤكد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" في تقرير لها أنه رغم هذه العوائق، تؤدّي سلسلة قيمة العسل دوراً أساسياً في الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن، وتدرّ الدخل على حوالي 100 ألف مربّي نحل في البلاد. وهناك إمكانات هائلة لمزيد من التطوير حتى في ظل الركود الذي تشهده السوق المحلية.
ويشير التقرير إلى أن "الصراع هو أحد العوامل الأساسية التي تؤثّر على كل من العرض والطلب، إذ أسفرت الانفجارات عن تدمير العديد من خلايا النحل في اليمن، لا سيّما عندما بدأت الحرب في عام 2015".
ويرتبط بالصراع الدائر الكثير من العقبات التي تعترض مربّي النحل، مثل الطرق الوعرة، ما يجعل نقل العسل وخلايا النحل وحبوب اللقاح أمراً صعباً للغاية. وعلاوة على ذلك، توجد تحديات إضافية تتمثّل في قلّة تساقط الأمطار، والآفات بما يشمل ذباب النحل وآكلات النحل والدبابير، وسوء حالة أشجار السدر التي تعطي العسل اليمني مذاقاً فريداً.
وللعسل اليمني تاريخ ضارب في القدم ترجع أصوله إلى القرن العاشر قبل الميلاد ويحظى بشهرة عالمية لما يتسم به من جودة. ولا عجب في أن هذا السائل الذهبي موجود في كل منزل يمني تقريباً. فهو يساعد على تلطيف أجواء مناسبات اجتماعية عديدة، ولا يحظى بالتقدير لمزاياه التغذوية والاجتماعية فحسب، بل لفوائده الطبية أيضاً.
ويعدّ عسل السدر أجود وأغلى أنواع العسل اليمني الشهير، وتعدّ محافظة حضرموت الأكبر من حيث الإنتاج لمختلف أنواع العسل في البلاد. ويقدّر حجم التداول في سوق العسل في اليمن بحوالي 500 مليون دولار سنوياً.
وتؤكد العديد من الدراسات أنه نتيجة الأوضاع الاقتصادية المزرية، يدخل المزيد من الأفراد إلى قطاع تربية النحل في محاولة لتغطية نفقاتهم. ومع تزايد الداخلين في قطاع تربية النحل، تتناقص المراعي ويقل الإنتاج، ويفاقم الصراع وتغيّر المناخ تدهور حالة القطاع الحيوي الذي يعد فخر اليمنيين.
وتتسبّب التغيّرات المناخية في اليمن بالعديد من الظواهر المناخية المتطرّفة مثل السيول والفيضانات، وحتى الموجات الطويلة من الجفاف. وبالرغم من أن مستوى معقول من الأمطار يزهر مراعي النحل، إلا أن تزايد شدتها ووتيرتها، خصوصاً في أوقات جني العسل، يعيق النحل عن الرعي وإنتاج العسل، كما قد تجرف السيول المفاجئة بيوت النحل المتواجدة في الوديان ما يعرّض ملاّكها لخسائر فادحة.
ويعتمد مربّو النحل في اليمن على نقل النحل من مكان إلى آخر بحثاً عن المراعي المزدهرة، لكن هذه الرحلات تصبح أكثر كلفة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، كما تصبح أكثر خطورة نتيجة حقول الألغام أو عند الاقتراب من خطوط النار في بعض المناطق.