منذ تصاعدت العمليات الأمريكية ضد قياداتها ومعسكراتها ومخازن أسلحتها؛ تعيش العصابة الحوثية حالة غير مسبوقة من التوتر والارتباك، دفعتها لنشر تعزيزات أمنية مكثفة ونقاط تفتيش مضاعفة في مداخل العاصمة صنعاء وشوارعها الرئيسية خوفا من السخط الشعبي.. فضلا عن تزايد المؤشرات في الآونة الأخيرة على وجود صراعات داخلية، ما يفسر حالة الاحتقان غير المسبوقة في صنعاء، والتصدع الداخلي في صفوف المليشيا.
بعد اختفاء قياداتها كليا وتحصنهم بالمغارات والمخابئ الارضية ومساكن المدنيين لحماية رؤوسهم من العمليات الأمريكية المرعبة، لجأت العصابة الحوثية للتغطية على هذا الاختفاء بنشر تعزيزات أمنية مكثفة في صنعاء، والدفع بمسلحيها وأبناء الوحدات الأمنية والعسكرية إلى الانتشار ميدانيا، دون أدنى اعتبار لمخاطر ذلك على حياتهم جراء الرصد الجوي المشدد، ما يجعلهم صيدا سهلا للغارات المتواصلة.
وأفادت مصادر محلية ليل الجمعة أن العاصمة صنعاء شهدت استنفاراً أمنياً غير مسبوق، وانتشار مدرعات وعربات عسكرية على مداخل المدينة، مؤكدة أن العصابة الإرهابية دفعت بتعزيزات مسلحة إلى مداخل صنعاء ونصبت نقاط تفتيش جديدة، وشوهدت تحركات مكثفة لعناصرها في معظم الشوارع الرئيسية، مع استحداث نقاط أمنية متعددة داخل الشارع الواحد، بمافيها الحي السياسي وشارع المطار، في محاولة يائسة لتأكيد صمودها في مواجهة الضربات الأمريكية، ومن جهة أخرى لإرهاب المواطنين، تحسبا لأي تحركات مناهضة لسلطتها الغاشمة التي أنهكت اليمنيين وأقحمتهم في حروب مدمرة لعشر سنوات.
يأتي هذا التطور وسط توقعات بحدوث تحرك داخلي وفق مراقبين، بعد قيام المليشيا بسحب مئات المقاتلين من العاصمة وإرسالهم بشكل عاجل إلى الحديدة وخطوط التماس في الساحل الغربي، في مؤشر على تصاعد الضغط العسكري في تلك الجبهات.
وتزامن هذا التصعيد الأمني مع أنباء عن العثور على جثتي فتاتين من أسرة المتوكل في صنعاء، وتصفية اثنين من قيادات المليشيا تواليا، حيث شهد حي حدة مقتل شابتين من عناصر الزينبيات داخل سيارتهما باستخدام مسدس كاتم للصوت بعد أيام من اختفائهما في ظروف غامضة؛ دون أي تعليق حوثي على الحادثة؛ وسط اتهامات متداولة على نطاق واسع بتصفيتهما من قبل المليشيا.
وأعقبها مقتل المدعو العميد يحيى المؤيدي؛ المستشار السابق لمحافظة صنعاء؛ وتم العثور على جثته مذبوحا داخل سيارته بحي الجراف، ليتبعها أمس الجمعة مقتل القيادي الأمني المدعو اللواء عبدالملك عبدالباري السقاف، المعروف بأبو مطهر، والذي كان يشغل منصباً في دائرة حماية الشخصيات وأحد أفراد الأمن الخاص بمشاط المليشيا، وتم نقله إلى معسكر يتبع وحدة الصواريخ ليلقى حتفه هناك في ظروف غامضة، وسط معلومات تشير إلى أن عملية الاغتيال تم التستر عليها.
وربطت المصادر هذه الحوادث بتصفيات داخلية بين أجنحة المليشيا، وسط اتهامات لجناح صعدة باستغلال الضربات الأميركية لتصفية خصومه السياسيين والأمنيين، في محاولة للسيطرة والإنفراد بمفاصل السلطة.
وتأتي كل هذه التطورات بالتزامن مع حملة اعتقالات واسعة شنتها الأجهزة الأمنية الخاضعة للمليشيا في أحياء صنعاء استهدفت مدنيين؛ بتهمة تصوير مواقع تعرضت لغارات أمريكية، ما أثار مخاوف السكان من تصاعد الانتهاكات الحوثية واستغلال الأوضاع الحالية لتصفية حسابات سياسية، الأمر الذي يفسر حالة غير مسبوقة من التوتر والارتباك تعيشها المليشيا.