في تطور جديد يعكس تصاعد القبضة الأمنية والانقسامات الداخلية، شنت مليشيا الحوثي حملة اختطافات واسعة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، طالت أكثر من 30 شخصًا في العاصمة صنعاء، بينهم ضباط عسكريون وموظفون في منظمات إنسانية محلية ودولية، وفقًا لمصادر محلية متعددة.
وأفادت المصادر بأن الحملة قادها علي حسين الحوثي، نجل مؤسس المليشيا حسين بدر الدين الحوثي، وتركّزت على أفراد داخل بنية الجماعة العسكرية والأمنية، يُعتقد أنهم خضعوا مؤخرًا لتحقيقات داخلية أو أبدوا مواقف متحفظة على توجهات القيادة، كما طالت الاعتقالات موظفين في القطاع الإنساني، وسط تعتيم تام على مصيرهم أو الجهة التي تم اقتيادهم إليها.
وتأتي هذه الحملة في ظل تصاعد غير مسبوق للتوترات والانقسامات داخل صفوف الجماعة الحوثية، على خلفية صراع النفوذ وتباينات حادة في ملفات الأمن والاقتصاد والولاءات الإقليمية، لا سيما مع تزايد التذمر من طريقة إدارة عبدالملك الحوثي ودوائره الضيقة للمرحلة الحالية.
ذرائع أمنية وتخوين داخلي
وترافقت الاعتقالات مع حملة إعلامية مكثفة أطلقتها قيادة الجماعة خلال الأيام الماضية، حذّرت فيها من ما وصفته بـ"مخططات الفتنة والتآمر"، وألمحت إلى وجود خلايا داخلية تعمل لصالح من تصفهم بـ"أعداء الداخل والخارج". وشارك زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي شخصيًا في التحريض، حيث توعّد في كلمة متلفزة بملاحقة كل من أسماهم بالخونة والعملاء"، حسب تعبيره.
ويرى مراقبون أن هذه الحملات تُستخدم كذريعة لتصفية الحسابات الداخلية وإعادة ترتيب المشهد الأمني لصالح جناح واحد داخل الجماعة، في ظل تنامي الشكوك والانقسامات بين أجنحتها العسكرية والسياسية، خصوصًا بعد بروز أسماء حوثية نافذة تنازع أسرة الحوثي التقليدية النفوذ والسيطرة.
مخاوف من موجة تصفيات داخلية
تثير الحملة الأخيرة مخاوف متزايدة من أن تكون مقدمة لحملة تصفيات داخلية أوسع نطاقًا، قد تشمل قيادات عسكرية وأمنية ومدنية كانت مقربة من الجماعة أو متحالفة معها، لكنها باتت تُصنف اليوم كـ"مشبوهة" أو "غير موثوقة"، في ظل عقلية الحصار الأمني التي تفرضها الجماعة على كل من لا يُظهر الولاء المطلق للقيادة.
ويُرجّح مراقبون أن تشهد الأيام القادمة تصعيدًا أمنيًا وإعلاميًا إضافيًا، في ظل اعتماد الجماعة على التخويف والتخوين كوسيلة للسيطرة ومنع التمردات داخل صفوفها، لا سيما في وقت تواجه فيه ضغوطًا اقتصادية وشعبية متزايدة، وتراجعًا في شعبيتها حتى داخل المناطق التي تسيطر عليها.