عمدت ميليشيا الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة أواخر العام 2014 إلى تحويل الاقتصاد اليمني إلى اقتصاد عشوائي غير منظم مع سعي حثيث ومكثف لتدمير هياكل الاقتصاد الوطني ومؤسساته ومراكز القوة فيه.
ففي القطاع المصرفي همشت الميليشيا البنوك وأدخلتها في سلسلة أزمات مفتعلة أبرزها أزمة السيولة ما دفع عدد من المصارف إلى حافة الإفلاس والعجز عن تلبية طلبات العملاء وأنشأت نحو ألف شركة صرافة وشبكة تحويلات مالية تابعة لها لشرعنة الأموال المنهوبة التي نهبتها وإدماجها في الدورة النقدية ومن ثم إعادة تحويلها إما إلى استثمارات داخلية أو تهريبها إلى الخارج عبر السوق الموازية .
خبراء اقتصاديون أكدوا أن الميليشيا الحوثية اتجهت صوب القطاع المصرفي للتهرب من القطاع البنكي نظراً لالتزاماته بالاتفاقيات المنظمة لعملية مكافحة غسل الأموال فضلاً عن أن البنوك تمر بعدة إجراءات تخضع لرقابة المعايير الدولية للعمليات المصرفية ..
وفي قطاع المشتقات النفطية أصدرت الميليشيا قراراً بتحرير تجارة المشتقات النفطية وعملية توزيعها لإتاحة المجال أمام قياداتها لإنشاء شركات خاصة باستيراد وتوزيع المشتقات النفطية وتسهيل عملية الحصول على المعونات النفطية الإيرانية بكل سلاسة وتحت غطاء شرعي تستطيع من خلاله تجاوز أي إجراءات للتفتيش ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
وتفتعل الميليشيا أزمات متكررة في الوقود في مناطق سيطرتها حتى بعد استيرادها للوقود لتعزيز الأسواق السوداء والتي تباع فيها المشتقات النفطية بأسعار خيالية لا يوجد أمام المستهلك من خيار سوى دفع السعر الذي تحدده الشركات الحوثية والتي تصب جميعها في خزائن الحوثي .
خبراء اقتصاديون أكدوا أن تعمد الحوثيين بيع الوقود في السوق السوداء بأسعار باهظة يأتي من أجل حرمان التجار المنافسين للشركات الحوثية من هذه الميزة .
حيث تنفذ شركة النفط بصنعاء عمليات تفتيش ونزولات ميدانية تستهدف فقط التجار المنافسين مقابل غض الطرف عن الشركات الحوثية وأسواقها السوداء المنتشرة في كافة مناطق سيطرتها .
ومن بين الأسباب التي دفعت الحوثيين لتعزيز السوق السوداء استمرار أكبر قدر ممكن من الكتلة النقدية اللازمة في عمليات تجارة وبيع المشتقات النفطية خارج الاقتصاد المنظم وخارج السجلات الرسمية التي تلزم بموجبها جميع الشركات أياً كانت بدفع الرسوم الضريبية والجمركية للدولة الخاضعة لسيطرتهم والتي في ضوء ذلك ستكون ملتزمة بدفع المرتبات والأجور .
كما أنعشت الميليشيا الحوثية قطاع العقارات والذي يعد أسرع وأسهل قطاع استثماري لشرعنة الأموال المنهوبة من ممتلكات المواطنين بعيداً عن أي سجلات رسمية أو رقابة محلية أو خارجية، مستخدمين هذا القطاع في إعادة تشكيل وإعادة توطين لعناصر وقيادات الجماعة في المناطق التي دخلوا فيها قادمين من كهوف صعدة .
ولجأت الميليشيا الحوثية كذلك إلى قطاع الأدوية والتطبيب فأنشأت المئات من المراكز الطبية والمستشفيات، في مقابل تدمير القطاع الصحي الحكومي وسخرت الهيئة العليا للأدوية في إيقاف وكالات الأدوية المنافسة للشركات الحوثية الجديدة التي أغرقت السوق بالأدوية الإيرانية والتي تحصل عليها كمعونات لدعم الجماعة وقياداتها أشبه بشحنات النفط القادمة من إيران .